responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 131
يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ [1]. (وَسَيَأْتِي فِي" النِّسَاءِ" بَيَانُ هَذَا الْمَعْنَى. وَقِيلَ:" لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ" الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَكْفُرُوا، لِأَنَّ الْكُفْرَ قَدْ أَحْبَطَهَا. وَقِيلَ:" لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ" إِذَا تَابُوا مِنْ كُفْرِهِمْ إِلَى كُفْرٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ إِذَا تَابُوا إِلَى الْإِسْلَامِ. وَقَالَ قُطْرُبٌ. هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَالُوا: نَتَرَبَّصُ بِمُحَمَّدٍ رَيْبَ الْمَنُونِ، فَإِنْ بَدَا لَنَا الرَّجْعَةُ رَجَعْنَا إِلَى قَوْمِنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ" أَيْ لَنْ تُقْبَلَ. تَوْبَتُهُمْ وَهُمْ مُقِيمُونَ عَلَى الْكُفْرِ، فَسَمَّاهَا تَوْبَةً غَيْرَ مَقْبُولَةٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مِنَ الْقَوْمِ عَزْمٌ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ كُلَّهَا إِذَا صح العزم.

[سورة آل عمران (3): آية 91]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (91)
الْمِلْءُ (بِالْكَسْرِ) مِقْدَارُ مَا يَمْلَأُ الشَّيْءَ، وَالْمَلْءُ (بِالْفَتْحِ) مصدر ملأت الشيء، ويقال: أعطني ملأه وملائه وثلاثة إملائه. والواو في" لَوِ افْتَدى بِهِ" قِيلَ: هِيَ مُقْحَمَةٌ زَائِدَةٌ، الْمَعْنَى: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَوِ افْتَدَى بِهِ. وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ مُقْحَمَةً لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى. وَمَعْنَى الْآيَةِ: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا تَبَرُّعًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ. وَ" ذَهَباً" نُصِبَ عَلَى التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِ الْفَرَّاءِ. قَالَ الْمُفَضَّلُ: شَرْطُ التَّفْسِيرِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ تَامًّا وَهُوَ مُبْهَمٌ، كَقَوْلِكَ عِنْدِي عِشْرُونَ، فَالْعَدَدُ مَعْلُومٌ وَالْمَعْدُودُ مُبْهَمٌ، فَإِذَا قُلْتُ دِرْهَمًا فَسَّرْتُ. وَإِنَّمَا نُصِبَ التَّمْيِيزُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يَخْفِضُهُ وَلَا مَا يَرْفَعُهُ، وَكَانَ النَّصْبُ أَخَفَّ الْحَرَكَاتِ فَجُعِلَ لِكُلِّ مَا لَا عَامِلَ فِيهِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: نُصِبَ عَلَى إِضْمَارِ مِنْ، أَيْ مِنْ ذَهَبٍ، كَقَوْلِهِ:" أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً" [المائدة: 95] [2] أَيْ مِنْ صِيَامٍ. وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يُجَاءُ بِالْكَافِرِ

[1] أي ما لم تبلغ حلقومه، فيكون بمنزلة الشيء يتغرغر به المريض، راجع ج 5 ص 92.
[2] راجع ج 6 ص 316.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست